قضايا المحتوى الرقمي تثير جدلاً حول القيم المجتمعية في مصر
شهدت الساحة القانونية المصرية تطوراً لافتاً مع تقديم هيئة الدفاع عن صانعة المحتوى المصرية هدير عبد الرازق طعناً شاملاً على حكم حبسها لمدة سنة أمام محكمة النقض، في قضية تسلط الضوء على التحديات المعاصرة في تطبيق القوانين الرقمية.
تفاصيل الطعن القانوني
جاء الطعن في 131 ورقة وتضمن 67 سبباً قانونياً، حيث ركزت هيئة الدفاع على ما وصفته بـ "أزمة الدليل الإلكتروني"، مؤكدة على ضرورة استيفاء ضمانات فنية صارمة في التعامل مع الأدلة الرقمية، مثل بصمة الهاش ووسائل منع الكتابة على الأصل وتوثيق سلسلة الحيازة.
وكانت محكمة مستأنف الجنح الاقتصادية في القاهرة قد أيدت الحكم الصادر بحبس المتهمة لمدة عام، على خلفية اتهامها بنشر محتوى خادش للحياء العام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استناداً إلى مواد قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
التحديات في تطبيق القوانين الرقمية
أثار الطعن تساؤلات جوهرية حول معايير تطبيق القوانين الرقمية، حيث طالب الدفاع بعرض المقاطع محل الاتهام على جهة خبرة فنية مختصة، وعلى رأسها الرقابة على المصنفات الفنية، باعتبارها الجهة المختصة في معيار "القيم والآداب".
وربط الدفاع بين مرونة تعبير "القيم الأسرية" وخطر التوسع في التجريم، مشيراً إلى أهمية وضع معايير واضحة ومنضبطة لتطبيق هذه القوانين بما يضمن العدالة وحماية الحقوق.
قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
تنص المادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لعام 2018 على معاقبة كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة تتراوح بين خمسين ألف ومئة ألف جنيه.
وقد شهدت الفترة الأخيرة تطبيقاً واسعاً لهذا القانون، حيث ألقت وزارة الداخلية المصرية القبض على 167 شخصاً في 134 قضية منذ أغسطس الماضي، وفقاً لتقرير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
التوازن بين الحماية والحريات
تعكس هذه القضية التحدي المعاصر في إيجاد التوازن المناسب بين حماية القيم المجتمعية وضمان الحريات الشخصية في العصر الرقمي، خاصة مع تزايد استخدام منصات التواصل الاجتماعي وانتشار المحتوى الرقمي.
ويأتي هذا التطور في سياق الجهود الإقليمية والدولية لوضع أطر قانونية مناسبة للتعامل مع التحديات الرقمية المعاصرة، مع الحرص على احترام الخصوصيات الثقافية والمجتمعية لكل دولة.