تحذيرات أمريكية من تحول جزيرة مارغريتا الفنزويلية إلى قاعدة عمليات مسلحة
في ظل التطورات الأمنية المتسارعة في منطقة البحر الكاريبي، تشير التقارير الأمريكية إلى تحولات جوهرية طرأت على جزيرة مارغريتا الفنزويلية، التي تُسوق عادة كوجهة سياحية كاريبية مميزة.
الوضع الأمني الراهن في الجزيرة
تفيد المصادر الأمريكية المختصة في الشؤون الأمنية أن جزيرة مارغريتا شهدت تحولاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، حيث تراجع الحضور السياحي التقليدي لصالح أنشطة أخرى تثير قلق الأجهزة الأمنية الإقليمية.
وأكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن التحديات الأمنية في نصف الكرة الغربي تتمثل في الجماعات المسلحة العابرة للحدود، التي تجمع بين أنشطة متعددة تشمل الاتجار بالمخدرات والجريمة المنظمة.
الأهمية الجغرافية الاستراتيجية
تحظى جزيرة مارغريتا بموقع جغرافي حساس، حيث تقع قرب ترينيداد وتوباغو وغرينادا، في منطقة غنية بالنفط من البحر الكاريبي وعلى مقربة من مسارات بحرية استراتيجية، بحسب ميليسا فورد مالدونادو، مديرة مبادرة نصف الكرة الغربي في معهد أمريكا أولاً للسياسات.
وقد اكتسبت الجزيرة سمعة كونها مركزاً لأنشطة التهريب، مستفيدة من بعدها عن البر الرئيسي وضعف الرقابة الأمنية، ما جعلها بيئة جاذبة للجماعات المسلحة غير النظامية وأجهزة استخبارات أجنبية.
التطورات التاريخية
يشير مارشال بيلينغسلي، مساعد وزير الخزانة الأمريكي السابق لشؤون تمويل الإرهاب والجرائم المالية، إلى أن جذور هذا التحول تعود إلى أكثر من عقدين، حين فتحت فنزويلا في عهد الرئيس الراحل هوغو تشافيز أبوابها أمام جماعات مسلحة مختلفة.
ومع وصول نيكولاس مادورو إلى السلطة، اتسع هذا الوجود بشكل ملحوظ من حيث الحجم والعمق، وتعززت الروابط مع ما تصفه واشنطن بالشبكات الإجرامية في فنزويلا.
الأنشطة الاقتصادية المشبوهة
بحسب التقديرات الأمريكية، تم استغلال وضع الجزيرة كمنطقة معفاة من الرسوم الجمركية وسهولة العبور إلى كولومبيا، لتوليد إيرادات عبر أنشطة التهريب المختلفة.
كما تشير المعلومات إلى إدارة مجموعة واسعة من الشركات المحلية، إلى جانب تشغيل عدة مرافق تدريبية، ما يوفر غطاءً اقتصادياً ولوجستياً معقداً.
الدور الحكومي الفنزويلي
تكشف الشهادات الأمريكية عن دور مباشر لأجهزة الدولة الفنزويلية في تسهيل هذا التغلغل. فقد أشير إلى أن طارق العيسمي، أحد أبرز المسؤولين الفنزويليين السابقين، لعب دوراً محورياً خلال إشرافه على هيئة الجوازات والتجنيس.
وتشير الأرقام إلى إصدار أكثر من 10400 جواز سفر لأشخاص من دول الشرق الأوسط بين عامي 2010 و2019.
التداعيات الإقليمية
مع تطورات المشهد في الشرق الأوسط، ازدادت أهمية جزيرة مارغريتا بالنسبة للجماعات المسلحة. فالعمليات العسكرية ضد هذه الجماعات في لبنان ألحقت أضراراً كبيرة بقياداتها وبنيتها المالية، ما دفعها إلى الاعتماد بشكل أكبر على شبكاتها الخارجية.
ويشير بيلينغسلي إلى مؤشرات على نقل مئات المقاتلين من لبنان إلى فنزويلا، ما يعني عملياً تقريب التهديد من الولايات المتحدة.
الدور الإيراني المتزايد
يتواكب ذلك مع تعمق الدور الإيراني في فنزويلا، حيث يتحدث بيلينغسلي عن وجود إيراني كبير مرتبط بتجارة الأسلحة والطائرات المسيرة مقابل الذهب، في ظل اعتماد متزايد لطهران على هذا المسار.
التحديات الأمنية المستقبلية
أمام هذا الواقع، يرى بيلينغسلي أن واشنطن تمتلك قوات كافية في منطقة الكاريبي للتعامل مع التهديد، لكنها تحتاج إلى معلومات استخباراتية عالية الدقة، خاصة في ظل اندماج هذه الجماعات في النسيج المحلي.
ويعتقد أن المعارضة الفنزويلية تملك قدراً مهماً من هذه المعلومات، لكن يبقى التساؤل قائماً حول مدى الاستفادة منها في تعزيز الأمن الإقليمي.
