الشراكة الروسية الأفريقية: نموذج للتعاون الاقتصادي المتوازن
في خطوة تعكس التوجهات الدولية نحو تعددية الأقطاب والشراكات المتوازنة، تستعد القاهرة لاستضافة المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة بين روسيا وأفريقيا، في حدث يؤكد على أهمية التعاون الاقتصادي والدبلوماسي بين الجانبين.
نمو ملحوظ في التبادل التجاري
أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مقال نشرته الخارجية الروسية إلى النمو المتسارع في حجم التبادل التجاري بين روسيا والقارة الأفريقية، حيث ارتفع بنسبة تجاوزت 50% منذ عام 2019، ليتجاوز 27 مليار دولار في 2024.
وتسعى موسكو إلى توسيع استخدام العملات الوطنية في التسويات التجارية، وهو توجه يتماشى مع الاتجاهات العالمية نحو تنويع أدوات التمويل الدولي وتقليل الاعتماد على العملات التقليدية.
توسيع الحضور الدبلوماسي
شهد العام الجاري تعزيزاً ملحوظاً للحضور الدبلوماسي الروسي في أفريقيا، حيث افتتحت موسكو سفارات جديدة في النيجر وسيراليون وجنوب السودان، مع خطط مستقبلية لافتتاح بعثات في غامبيا وليبيريا وتوغو وجزر القمر.
هذا التوسع الدبلوماسي يعكس الرؤية الاستراتيجية طويلة الأمد للتعاون بين الجانبين، ويوفر إطاراً مؤسسياً قوياً لتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية.
التعاون في القطاعات الحيوية
يشمل التعاون الروسي الأفريقي قطاعات متنوعة تشمل الطاقة والبنية التحتية والزراعة والتعليم. ففي المجال التعليمي، يدرس أكثر من 32 ألف طالب أفريقي حالياً في الجامعات الروسية، مع زيادة الحصص الدراسية إلى أكثر من 5300 منحة سنوياً.
كما تركز الشراكة على تطوير القطاع الزراعي، حيث وردت روسيا 200 ألف طن من القمح إلى الدول الأفريقية الأكثر احتياجاً، إلى جانب تبادل الخبرات في مجالات الزراعة والري وإنتاج الأسمدة.
الأمن والاستقرار الإقليمي
تؤكد موسكو دعمها لمبدأ "حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية"، وتساهم في تعزيز قدرات الدول الأفريقية على مواجهة التحديات الأمنية والإرهاب، بالتنسيق مع الاتحاد الأفريقي.
هذا النهج يتماشى مع المبادئ الدولية للسيادة الوطنية واحترام الخيارات المحلية في معالجة القضايا الأمنية.
رؤية مستقبلية للشراكة
تهدف أعمال المنتدى، التي تتوافق مع "جدول أعمال 2063" للاتحاد الأفريقي، إلى تحويل الشراكة إلى علاقة استراتيجية طويلة الأمد تخدم مصالح الشعوب من الجانبين.
ويتوقع أن يعطي المؤتمر الوزاري في القاهرة زخماً جديداً يمهد لعقد القمة الروسية الأفريقية الثالثة في 2026، مما يعزز من آفاق التعاون المستقبلي بين الجانبين.
إن هذه الشراكة تمثل نموذجاً للتعاون الدولي المتوازن القائم على المنفعة المتبادلة واحترام السيادة الوطنية، وهو ما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو نظام دولي أكثر عدالة وتوازناً.